واقع التعلم المنظمي وأثره في تحقيق التمييز التنظيمي: دراسة استطلاعية لعينة من المديرين في المنظمات التعليمية - جامعة كركوك أنموذجاً

الملخص

لقد برزت في بيئة الأعمال المعاصرة العديد من المفاهيم الجديدة في أوساط الباحثين الأكاديميين والممارسين في مجال المنظمات. ولعلّ التعلم المنظميOrganizational Learning كان من أهم المفاهيم التي حظيت باهتمام متزايد في العقدين الأخيرين من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، لاسيما بعد النجاح الباهر الذي حققته العديد من المنظمات بعد تبنيها منهج التعلم المنظمي بوصفه عملية تفاعل واستقراء واستكشاف ومواجهة مستمرة للتحديات البيئية، بما يمكّن المنظمة من إيجاد الحلول واختيار البدائل التي تحقق التحسين المستمر أو التغيير الجذري لسلوكها لضمان بقاءها وتفوقها التنافسي. إذ تزامنت تلك الاهتمامات مع التحولات الجذرية التي شهدها العالم نحو عصر المعرفة والمعلومات الذي يركز على استثمار الموجودات الفكرية والمعرفة الضمنية وكيفية الاستفادة منها وتحويلها إلى سياقات عمل ونماذج سلوك ترفد وتحدّث التمييز التنظيمي Organizational Identifying بصورة مستمرة من طريق عملية التعلم المنظمي. وانسجاماً مع هذه التحولات، تراجعت أسبقيات التنافس بمنطق اقتصاديات الكلفة والكفاءة وتحقيق التمييز أمام المنطق الجديد للمنافسة المتمثل بامتلاك القدرة الاستراتيجية للتفوق والتميز وتعظيم قيمة الزبون واصحاب المصلحة، مما جعل النظر إلى النجاح المنظمي Organizational Success يتحوّل من مجرد تحقيق عائد مالي أو حصة سوقية مستهدفين إلى امتلاك القدرة الاستراتيجية للمعرفة التي تحقق للمنظمة ميزة تنافسية مستدامة، لاسيما من طريق إدارتها لمواردها البشرية والمعرفية بطريقة يصعب على المنافسين محاكاتها. وتقتضي تلك التحديات تخلي منظمات الأعمال عن الأطر والنماذج التقليدية وتبني وتفعيل عملية التعلم المنظمي بوصفها طبقاً لأغلب الباحثين المصدر الأهم للميزة التنافسية. وإذا أدركت العديد من المنظمات الإنتاجية منها والخدمية في الدول المتقدمة هذه الحقيقة وحققت مستويات عالية من التعلم لتعزيز فرص النجاح فأين المنظمات العراقية من هذا، ولاسيما أن مثل هذه المفاهيم الجديدة لازال انتشارها محدوداً في المفردات الثقافية لهذه المنظمات، على الرغم من امتلاكها الكثير من المعرفة وتطبيقات التعلم وإن كانت بأساليب وطرائق غير مقصودة كاستراتيجيات تعلم واتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي من طريق تصميم استمارة استبانة عدت لهذا الغرض، ووزعت على عينة البحث (40) من القيادات الإدارية في جامعة كركوك، واستخدام البرنامج الإحصائي (SPSS 19) في تحليل البيانات. وتوصل البحث إلى مجموعة الاستنتاجات كان أهمها: إنَّ هناك علاقة ارتباط قوية ومعنوية بين متغيرات التعلم المنظمي ومتغير التمييز التنظيمي, وتطابقت هذه النتائج مع الفرضيات، وقدم البحث مجموعة مقترحات كان منها ضرورة تحديد إدارة الجامعة لأهداف التعلم المنظمي بدقة وتوجهاته المستقبلية بما يسهم في تحقيق التمييز التنظيمي لها.